الجمعة، ١ فبراير ٢٠١٣

http://www.facebook.com/photo.php?fbid=10200104650235668&set=a.10200104649835658.2190957.1132531891&type=1&theater

مولانا الشيخ ضياء الدين الكردى بلغ درجة مشيخة الإسلام ، رضى الله عنه وقدس الله سره الشريف، جليل القدر، كبير النفس فقيهها، شيخ العارفين فى زمانه، نناشد أحبابه والعارفينبقدره أن يترجموا له ترجمة تليق بقدره، قبل أن يقبض الله تعالى أرواح تلاميذه والعارفين بقدره. تلقيت عليه الطريق النقشبندى عام 1408 / 1988 ، ولازمت صحبته حتى وفاته رضى الله عنه سنة 1423 / 2001 ، رضى الله عنه، وكان أحد أعاجيب الزمان علما وعملا وفهما وفقها وذكاء وإخلاصا لدينه، علما راسخا من أعلام الأزهر الشريف، صاحب مواقف شجاعة ونادرة فى الدفاع عن الإسلام وما يحاك له، وفى الدفاع عن الأزهر ، لا يعرفها الكثيرون للأسف، حيث كانت له كلمة مسموعة فى الدوائر الرسمية، ولطالما وأدت فتن ، وانطفأت الشرور بكلمته، ولكن جرى عادة مشايخنا على أنهم لا ينشرون ذلك ولا يتشدقون به، ولا يعنيهم إلا أن ينجحوا فى ذلك لوجه الله تعالى.
من الناحية الرسمية: كان فضيلته أستاذ ورئيس قسم العقيدة والفلسفة بأصول الدين. وكان واسع الاطلاع جدا ، مخيف فى العلم والفهم والقدرة على التحليل والربط بين الموضوعات والأمور، والنظر إلى المآلات وإدراكها من أول وهلة.
وكان رضى الله عنه مهيب المشهد جدا، مع الرفق التام والظرف ومداعبة محبيه ، ولكن يجمع بين الهيبة واللطف والرحمة وراثة محمدية كاملة رضى الله عنه.
له العديد من المؤلفات فى مجال العقيدة والتصوف وغيرها، ولم يكثر من التصنيف لانشغاله بالطريق ومهام الأعمال التى لم يكن ليقوم بها غيره، ولو كان تفرغ للتأليف لأتى بالعجائب قدس الله سره.
وقد كتبت فى موضع آخر عن أنى أدركت ضمن مشايخى ثلاثة بلغوا درجة شيخ الإسلام: السيد عبد الله بن الصديق الغمارى - ومولانا ضياء الدين الكردى - ومولانا على جمعة. وإطلاقى ذلك عليهم هو إطلاق فنى اصطلاحى دقيق، بعد دراستى لمسلك الذهبى فيمن أطلق عليهم شيخ الإسلام، رحم الله على الجميع.
وقد استفدت منه آداب جمة، منه قدس الله سره ومن شيوخنا من بيت سيدنا الكردى، وهو بيت علم وعمل ودين وفقه وتصوف وأدب وفضل لا يخلو واحد منهم من ذلك ، نفعنا الله بهم،

الخميس، ٦ ديسمبر ٢٠٠٧

35) ومن آدابهم رضى الله عنهم : التربية بالخدمة

ومن آدابهم رضى الله عنهم : التربية بالخدمة ، وهذا باب من التربية عظيم النفع ، ويتخرج منه أكابر الأولياء ، وكان مولانا شيخ الإسلام ضياء الدين الكردى يربى به أبان حياة والده سيدنا الشيخ نجم قدس الله روحهما ، والآن يربى به سيدى أحمد بن سيدنا الشيخ نجم حفظه الله تعالى ، وأعظم الناس أدبا فى الطريق هم من تربى بهذا الباب يخدم الأحباب ، ويقوم على طعامهم وشرابهم وخدمتهم ، فتتريض نفسه ، وتنزل من عليائها ، ويصير التواضع ولين الجانب طبعا أصيلا فى النفس .

34) ومن آدابهم رضى الله عنهم : مراعاة عادات الناس وتقاليدهم وأعرافهم

ومن آدابهم رضى الله عنهم : مراعاة عادات الناس وتقاليدهم وأعرافهم ، وعدم حمل الناس على طريقة واحدة فى المعاملة والنصيحة والتربية ، فأهل بحرى مصر مختلفون فى عاداتهم وما يصلح لهم عن أهل قبلى ، ومريدو بلدان آسيا يختلفون عن مريدى غيرهم ، وهكذا ، ومراعاة ذلك يحتاج إلى سعة نظر ، وطول خبرة بالناس ومعاناة رياضتهم ، وهناك من مشايخ الطريق من لم ييسر الله له إلا تربية صنف واحد من الناس ، ولا يتسع بحره لغيرهم ، فتجد بعضهم مريديه من المتعلمين ، ولا يعرف كيف يتعامل مع أهل الفلاحة ، وتجد آخر مريديه من الفلاحين ، ولا يعرف يربى المتعلمين ، وتجد آخر يحسن مخاطبة ذوى الثقافة العالية ولا يعرف يخاطب عامة الناس ، أما مشايخنا فبحرهم واسع كالبحر المحيط يسع الكل ، وذلك من كمال مشيختهم وعلمهم وأدبهم ، ولهذا تجد فى مريديهم من كل طبقات المجتمع ، والكل يجد بغيته ويسعد بصحبتهم فالحمد لله على نعمته علينا بهم .

الأربعاء، ٢٤ أكتوبر ٢٠٠٧

33) ومن آدابهم رضى الله عنهم : التزامهم بأصول أهل السنة تماما

ومن آدابهم رضى الله عنهم : التزامهم بأصول أهل السنة تماما ، وعدم خروجهم عن ذلك فى كبير أمر ولا صغيره ، فيبنون سلوكهم على قواعد أهل السنة والجماعة ، ولا يحبون الشطح أبدا ، وكان لسيدنا الشيخ شيخ الإسلام ضياء الدين الكردى موقف حازم من الشطح وغلبة الأحوال ، لا يحبها وينهى عنها نهيا تاما ، ومن غلب عليه حال أسرع بإخراجه منه ، ولا يعجبه ذلك من نحو السكر والاصطلام والغيبة ونحو ذلك من أحوال السلوك ، ويبقى مريديه دائما فى حال اليقظة . وأيضا يبنون معتقدهم على تقديم الشيخين أبى بكر وعمر مطلقا ، وتنزيه أمنا السيدة عائشة عما يتفوه به الرافضة لعنهم الله ، ثم يجمعون إلى هذا محبة آل البيت والتعلق التام بهم ، ومحبة زيارتهم ، والتوسل بهم ، لكن بلا رفض ولا تزيُّد ، بل على مذهب الحق كما يراه أهل السنة والجماعة ، ولهذا فإن السلسلة المختارة لطريق النقشبندية عندهم تبدأ بسيدنا أبى بكر الصديق رضى الله عنه . وفى هذا أبلغ دفع لمن يتوهم علاقة الصوفية بالتشيع ، فشتان بين محبة آل البيت على طريقة أهل مصر السنيين ومن وافقهم من أهل الأقطار الأخرى ، وبين التشيع . ولهذا وقف مشايخنا ضد الكثير من المحاولات التى تسعى لفتح أبواب مصر لما يعرف بالمد الشيعى . فى نفس الوقت الذى وقفوا فيه ضد محاولات منكرى السنة لإنكار بعض ما ورد فيها كنزول عيسى عليه السلام والمهدى فى آخر الزمان .

الثلاثاء، ٢ أكتوبر ٢٠٠٧

32) ومن آدابهم رضى الله عنهم : الملاطفة فى التربية

ومن آدابهم رضى الله عنهم : الملاطفة فى التربية ، ومسارقة طباع المريد عند تربيته بحيث لا يشعر المريد بذلك ، ويصير يتأدب ويتعدل سلوكه شيئا فشيئا دون أن يدرى بذلك ، وهذه الطريقة من أعظم طرق التربية وألطفها ، وأكثر نفعا ، فإن كثيرا من الناس يأبون على التربية المباشرة ، ويصير يقول : أنا مؤدَّب ، قد ربانى والدى ، وما أنا بحاجة إلى تربية ، ونحو ذلك من الدعاوى ، أو يحجبه علمه إن كان قد أوتى شيئا من العلم فيصير علمه حجاب له عن التربية المباشرة ويصير يقول : علمى يكفينى وليس بعد العلم من تربية ، ويظن أن العلم هو التربية والأدب وليس كذلك ، ومثل هؤلاء لا يصلح معه إلا مسارقة الطباع السيئة ، ومساوئ الأخلاق التى فيه ، ولهذا ترى الإنسان أول ما يأتى إلى مشايخنا ويصحبهم ، وهو كالبدوى الجافى الغليظ الطباع ، وربما تجد وجهه مظلما من الغفلة ، ثم إذا رأيته بعد عام أو عامين أو أكثر بحسب همته وتعلقه بمشايخنا قد لانت طباعه ، وحسنت أخلاقه ، وتنور وجهه ، فاللهم انفعنا بصحبتهم . ومن لطيف ذلك أن المرء نفسه لا يشعر بذلك من خفاء تربية مشايخنا له وشدة ملاطفتهم له فى التربية ، فرضى الله عنه وأرضاهم ما أتم تربيتهم وأنفعها .

الأربعاء، ٢٦ سبتمبر ٢٠٠٧

31) ومن آدابهم رضى الله عنهم : تفويضهم أمر الطريق إلى الله تعالى

ومن آدابهم رضى الله عنهم : تفويضهم أمر الطريق إلى الله تعالى ، ولا يصدهم ما آل إليه أمر الطريق من انكفاف الناس عن أمر الآخرة ، وغلبة انشغالهم بالدنيا لا يصدهم ذلك عن القيام بما وجب عليهم من النصحية لله ولرسوله ولعامة المسلمين ، وبذل غاية الجهد فى الدعوة إلى الله ، لا يصرفهم عن ذلك ضعف إقبال الناس ، وقد كنت يوما فى صحبة سيدى توفيق الضبع قدس الله سره (وهو من خلفاء سيدنا الشيخ نجم الدين الكردى قدس الله سره ، وكان من كبار علماء الأزهر الشريف) ، فذهبنا إلى ضريح سيدنا الكردى قدس الله روحه ، فوجدنا مولانا شيخ الإسلام ضياء الدين الكردى جالسا هناك ، فأخذا فى الحديث عما آل إليه الحال ، فقال سيدى توفيق : ما عاد أحد يأتى إلا فى سؤال الدنيا وما يتعلق بها . فقال مولانا شيخ الإسلام ضياء الدين الكردى : مضى علىّ عدة أشهر طويلة لا يسألنى أحد فى أمر الآخرة ، ولا فى السلوك ، ولا يسألنى أحد إلا أمرا من أمور الدنيا ، وصارت جيوبى مليئة بقصاصات طلب التوصيات والحوائج الدنيوية ونحو ذلك ، وليس هناك أحد يطلب شيئا من أمر الآخرة ولا يسأل عنها .

الاثنين، ٢٤ سبتمبر ٢٠٠٧

30) ومن آدابهم رضى الله عنهم : التقلل من النعيم الدنيوى قدر المستطاع

ومن آدابهم رضى الله عنهم : التقلل من النعيم الدنيوى قدر المستطاع عملا بقوله تعالى {ولتسألن يومئذ عن النعيم} ، وهذا كان شأن السلف جميعا رضى الله عنهم ، يتقللون من نعيم الدنيا خشية كثرة السؤال يوم القيامة ، وقد تواتر إلينا عن مولانا الشيخ نجم الدين الكردى قدس الله سره من هذا المعنى الكثير ، ومن ذلك بكاؤه عند دخول الكهرباء والإنارة الحديثة إلى بيوت ، وتذكره حال الناس قبلها ، فكان يبكى لذلك ويقول : هذا من النعيم الذى سنسأل عنه ، وهذا كان حاله أبدا مع غير ذلك من المخترعات الحديثة . ومن ذلك أيضا : عدم توسع سيدنا الشيخ ضياء الدين الكردى قدس الله سره ، وسيدنا الشيخ سيف الدين محمد الكردى نفعنا الله به فى شراء السيارات الفارهة رغم كثرة الأسفار اليومية إلى أقاليم القطر المصرى ، والحاجة الماسة لسيارة فارهة تخفف من صعوبة السفر شبه اليومى ، ومع ذلك يقتصرون على الحد الأدنى ، ومن ذاق مشقة السفر شبه اليومى مع كثرة الأعباء والأحمال التى تستغرق الأوقات والأعمار بلا راحة لا حلا ولا ترحالا علم يقينا أن تركهم للرفاهة فى ذلك هو عين الزهد ، فإن الزهد الحقيقى لا يكون عن فقد ، بل عن قدرة ووجد ، أما الفاقد فليس على حقيقة بزاهد ، بل مدع للزهد فقد يصدق وقد يكذب ، ولا يظهر ذلك إلا بالامتحان والابتلاء . وقد عد النبى صلى الله عليه وسلم من سعادة ابن آدم : المرأة الصالحة ، والمسكن الصالح ، والمركب الصالح ، وفى رواية المركب الهنيئ ، وروى أنه صلى الله عليه وسلم لما سئل : أمن الكبر أن يكون لأحدنا النجيبة الفارهة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : لا . ولا شك أن النعيم والزهد ومقدارهما يختلف باختلاف العادات والأزمان والأماكن والمستوى المعيشى ، والمكانة الاجتماعية ، فربما عد الاقتصار على فعل شىء زهدا فى حق شخص ، ويعد نعيما وتوسعا فى الدنيا فى حق آخر ، وهذا من المسائل المهمة ، فليس هناك ميزان واحد فى حق الجميع .

الجمعة، ٢١ سبتمبر ٢٠٠٧

29) ومن آدابهم رضى الله عنهم : عدم افتعالهم أو اصطناعهم للناموس

ومن آدابهم رضى الله عنهم : عدم افتعالهم أو اصطناعهم للناموس فى زى أو حركة أو جلسة أو دخول أو خروج أو غير ذلك ، وإنما ناموسهم : القيام بالشريعة والعمل بالكتاب والسنة لا غير ، وإقبال القلب على الله وسلامة الباطن ، والحال الصادق ، أو المقام المتمكن . ولا يزيدون بعد ذلك عما اعتاده الناس واحتملته أعرافهم وتقالديهم ، بحيث لا يدل ظاهرهم بمفرده على محاولة تميز عن الخلق ، ولهذا فتجد فملبس مشايخنا هو ما اعتاد لبسه علماء مصر من اللباس الأزهرى التقليدى الأصيل من الجبة والقفطان والعمامة ، ثم يلبسون بعد ذلك ما اعتاده الناس فى مصر دون زيادة على ذلك ، وهذا الأدب من مشايخنا وراثة محمدية حقيقية ، وفى السنة الثابتة : ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل)) ، فلم يكن النبى صلى الله عليه وسلم يختص بناموس لنفسه إلا ما اضطرته إليه ضرورة التبليغ من القيام على المنبر ، أو الجلوس على شىء مرتفع ليعرفه الغريب ، وكذلك يفعل سائر الأخوان ، فلا شارات ولا علامات ولا ألوان معينة تميز أحدا منهم عن سائر الخلق ممن لم يدخل فى الطريق ، أو تميز بعضهم على بعض بحسب مرتبته ، لا شىء من ذلك . والمعنى فى ذلك أن من صدق مع الله فناموسه الشريعة ، وكرامته الاستقامة ، لا يحتاج إلى أكثر من ذلك ، وأما غير الصادق مع الله فيحتاج لكى يتمشيخ على الناس إلى ناموس مفتعل مصطنع يمتاز به عن الخلق ليلووا رؤوسهم إليه وليعرفوه به ، ثم يسرى ذلك الطلب للناموس لمن تبعه فيريدون الامتياز بشىء عن العامة ليقال ويشار ، وليس كذلك حال مشايخنا ولا ما ربوا مريديهم عليه ، فالحمد لله على نعمة صحبتهم فإنها تورث الصدق .

الأربعاء، ١٩ سبتمبر ٢٠٠٧

28) ومن آدابهم رضى الله عنهم : معرفة معنى المشيخة والتصدر ، وتقدير ذلك حق قدره

ومن آدابهم رضى الله عنهم : معرفة معنى المشيخة والتصدر ، وتقدير ذلك حق قدره ، وإعظامه ، وإجلاله ، وعدم التهاون فيه ، وأخذ أسبابه ووسائله لمن قُدِّر الله له ذلك منهم ، ثم المصابرة لذلك والقيام بحق الله وحق النبى صلى الله عليه وسلم وحق العباد فيه إذا كتب الله عليهم التصدر على الخلق ، فإن التصدر والمشيخة من أثقل الوظائف وأشقها وأعظمها حملا على الإنسان خاصة إذا قدر لها قدرها ، وقام بحقها وآدابها ، فإن الشيخ يصير مسئولا عن أتباعه ويصير لهم كالراعى ، ويصيرون له كالرعية ، فيسأل هل أخلص لهم النصيحة ، وهل قام بتأديبهم ، وتعليمهم ، أم أضاعهم . ويصير الناس أيضا يتعلقون برقاب مشياخهم فى كل مشكلاتهم حتى فيما يكون بينهم وبين أهلهم ويسألونهم المشورة فى جليل أمرهم وحقيره ، وفيما يتعلق منه بأمر الدنيا أو أمر الآخرة ، ولهذا يصير مشايخنا يحملون الأحمال العظيمة من هموم الناس ومشكلاتهم ، ومن كثرة توجه همتهم وقلوبهم إلى الله فى قضاء مصالح المريدين والأحباب الأخروية والدنيوية ، فلا يصير للشيخ راحة أبدا ، وهذا ما علمته بيقين عن سيدنا الشيخ نجم الدين الكردى وسيدنا الشيخ عبد الرحمن قدس الله سرهما ، مما تواتر لدى عنهما من أخبار ذلك ، وهو أيضا ما رأيته وسمعته بنفسى فى وقائع كثيرة من مولانا شيخ الإسلام ضياء الدين الكردى قدس الله روحه ، وسيدنا الشيخ سيف الدين الكردى نفعنا الله به ، بحيث يصير من يتفطن لهذا لا يتمنى أبدا أن يكون شيخا ولو على واحد . وكثيرا ما أسمع سيدنا الشيخ سيف نفعنا الله به – عندما يعرض له شىء من تلك الأحمال - يذكر دائما عجز العبد وضعفه وقلة حيلته ، وأن الحول والقوة بالله وحده ، فتستشعر الإخلاص والتحقق الصادق باللجوء إلى الله وحقيقة التوكل عليه تعالى فى كل حرف يقوله . وقد رأيت إدراك معنى المشيخة متصورا تام التصور فى سيدى أحمد بن مولانا شيخ الإسلام ضياء الدين الكردى نفعنا الله بهما ، وذلك من فطانة قلبه وروحه مع كثرة مصاحبته لمولانا شيخ الإسلام ضياء الدين قدس الله سره فى حله وترحاله ، واطلاعه على ذلك فى عشرات بل مئات الوقائع مع مولانا شيخ الإسلام ، وقد خبرت سيدى أحمد وخالطته مخالطة تامة ، ورأيت فيه إدراكه لهذا المعانى بعمقها وإدراكه الصحيح والعميق لمعنى المشيخة ، وهو بحق نفعنا الله به قد تمت فيه المشيخة حسا ومعنى . وهذا من أهم آدابهم وأتمه .

الثلاثاء، ٢٨ أغسطس ٢٠٠٧

27- عدم الاستحياء من التوقف فيما لا يعلموه

27- ومن آدابهم رضى الله عنهم : عدم الاستحياء من التوقف فيما لا يعلموه ، أو فيما يكون هناك من هو أعلم به ، وإحالته عليه ، وهذا أدب راسخ فى مشايخنا رأيته على مولانا شيخ الإسلام ضياء الدين الكردى ، تأتيه الفتوى فيقول : اذهب للشيخ فلان هو أعلم بهذا ، أو لن يفتيك فى هذه المسألة أفضل من فلان ، يقول ذلك فى حضرة المريدين ، ولا يبال إلا بالحق ، وتعليم الناس الأدب ، ورأيت ذلك مرارا أيضا من سيدنا الشيخ سيف ، وسيدى حسين ، فرضى الله عنهم .

26- هضم النفس

26- ومن آدابهم رضى الله عنهم : هضم النفس ، واعتقاد الجهل فيها ، وهذا من الآداب السنية التى رأيت عليها سيدى الشيخ حسين الكردى ، فيلازمه ذلك الحال ، ويرى كل واحد من المريدين أفضل منه أدبا وعلما ، مع كونه معدودا من حيث العلم من الفضلاء ، ومن حيث الطريق من الأولياء ، ولكن حب الاستزادة من العلم والرغبة فى مزيد الأدب جعله يطلب ذلك من الجميع كبر شأنه أو صغر ، فاللهم انفعنا بملازمتهم .

25- تغليب نسبة الطريق على نسبة الطين

25- ومن آدابهم رضى الله عنهم : تغليب نسبة الطريق على نسبة الطين ، وهذا أدب عال ، فسيدنا الشيخ نجم الدين بالنسبة لأبنائه هو شيخهم ووالدهم الروحى ، قبل أن يكون والدهم الطينى ، ولهذا قلما تسمع أحد منهم يذكر سيدنا الشيخ نجم فيقول : والدى ، أو أبى ، بل دائما ما يقولون : سيدنا الشيخ نجم ، مثلهم فى ذلك مثل كافة المريدين ، وكذلك رأيت سيدى أحمد ضياء الدين الكردى ، لا يذكر سيدنا الشيخ ضياء أو جده سيدنا الشيخ نجم أو عمه سيدنا الشيخ سيف إلا هكذا بأنه سيدنا الشيخ . وسيرهم فى الطريق وتقديمهم أو تأخيرهم إنما هو بهمتهم وبجدهم واجتهادهم لا يركنون فى ذلك على نسبتهم الطينية ، لذلك فجميعهم بين عالم وولى ، لا يخرجون عن ذلك ، وهذا قلما يقع مثله ، والعادة أن يركن أبناء الشيخ أو العارف أو العالم لمكانة أبيهم ، وتفتر همتهم عن السعى إلى المعالى .

24 - العناية بتربية الأبناء من الصلب

24- ومن آدابهم رضى الله عنهم : العناية بتربية الأبناء من الصلب وعدم إهمالهم كما يقع لكثير من الشيوخ ، بل من آدابهم التى وجدت عليها سيدنا الشيخ نجم الدين التشديد فى تربية الأبناء سواء من الذكور أو الأناث بما ربما سامحوا المريد فيه ، ويحملونهم حملا على معالى الآداب والفضائل ، وهذا ما لمسته بنفسى فى العديد من المواقف ، وما تواتر إليه حكايته عن كافة أبناء سيدنا الشيخ نجم الدين رحمه الله تعالى ، بل امتد ذلك للأحفاد فتجد فيهم الكرم والمروءة والديانة والصيانة والعفاف والسعى فى مصالح الخلق ، والفرح بقضائها ، والحمية للطريق ، والحمية للعلم ، ومناصرة الشرع حيثما كان قولا وفعلا ، وبذل الجاه والمال فى وجوه الخير ، فاللهم بارك فيهم وفى ذريتهم إلى يوم الدين .

الأربعاء، ١٥ أغسطس ٢٠٠٧

23 - تقديمهم لمقدم كل قوم وإجلاله وتكبيره فى عيون أتباعه

23 - ومن آدابهم رضى الله عنهم : تقديمهم لمقدم كل قوم وإجلاله وتكبيره فى عيون أتباعه ومحبيه مراعاة منهم لمصلحة الطريق فى بقاء جماعة كل شيخ مجتمعين حوله ، وعدم انفضاضهم عنهم حتى ولو كان لشيخ أكمل ، فإن من انتقل عن شيخه كلما يثبت له قدم فى الطريق ، وهذا الأدب أدل دليل على أنهم يدعون الناس إلى الله لا إلى أنفسهم ، فإن المتمشيخ المدعى الذى يدعو الناس إلى نفسه يصير يريد أن يستولى على أتباع غيره ، ولا يطيق أن يراه مريدوه يجتمع مع شيخ غيره ، خشية أن ينجذب مريدوه إلى ذلك الشيخ الآخر ، أو يريد أن يظهر ويعلو على الشيخ الآخر ليجذب مريدين ذلك الشيخ إليه . أما المشايخ الصادقين الراغبين إلى الله وحده ممن أدركناهم من أكابر مشايخ الوقت كشيخنا سيدى الشيخ عبد القادر ومن نحا نحوه – على ما ذكرناه فى مناقبه حيث ذكرت نحو هذا الأدب - فرأيناهم لا يبالون بذلك . وأعظم من رأيت متخلقا بهذا سيدنا الشيخ سيف الدين الكردى رضى الله عنه ، وهذا من عظيم رسوخه فى العلم والطريق ، وقد كنت فى صحبته فى زيارة سيدى أبى الحسن الشاذلى فى أوائل ربيع الأول سنة 1428 هـ ، فلما انتهينا إلى الاستراحة التى سننزل بها وكان الوقت فجرا ، وجدنا بها بعض مشايخ الجيزة ، ممن كانوا قد قدموا قبلنا بيوم أو يومين وارتاحوا من عناء السفر ، فأحسنوا استقبالنا ، ولما تجهزنا لصلاة الفجر قدم سيدنا الشيخ سيف شيخ هؤلاء الجماعة لإمامتنا فى الصلاة فأم بنا جميعا ، وبعد الصلاة دعاه سيدنا الشيخ سيف للحديث فينا عن الطريق والدعوة إلى الله فظل الرجل يتكلم قرابة الساعة وسيدنا الشيخ سيف يشجعه على الكلام ولا يكاد يتكلم إلا قليلا رضى الله عنه ، ودعاه إلى زيارة بيت سيدنا الشيخ الكردى بشبرا ، وأخذ منه وعدا مؤكدا بذلك ، وطلب عنوانهم ببلدهم ليزورهم أيضا ، وهكذا المشايخ الكمل الصادقين إنما نظرهم إلى الله تعالى ، لا يغارون إلا للحق ، لا لأنفسهم ، فرضى الله عن سيدنا الشيخ سيف ، وعن سائر مشايخنا وسائر المشايخ الصادقين الداعين إلى الله بصدق وحق وجد .

22- القيام بالصلح بين الخصوم

22- ومن آدابهم رضى الله عنهم : القيام بالصلح بين الخصوم ، وحل المنازعات التى تقع بين الناس ، سواء فى أمور الزواج ، أو الميراث ، أو قضايا الثأر ، ورفع الشجارات التى تقع بين العوائل ، وقد جرى لسيدنا الشيخ نجم الدين ، ومولانا شيخ الإسلام ضياء الدين الكردى ، وسيدنا الشيخ سيف فى هذا الصدد العديد من الوقائع المشهورة ، والكبيرة ، حتى إن المحافظين والسلطات المحلية فى الأقاليم دائما ما كانت تلجأ إليهم إذا كان أحد أطراف القضايا أو الوقائع من مريدى النقشبندية ، وذلك لثقتهم فى نزاهة وعدالة ما يحكم به مشايخنا وما لهم من كلمة مسموعة ، فرضى الله عنهم .

21- السعى الدائم فى مصالح المريدين والأحباب

21- ومن آدابهم رضى الله عنهم : السعى الدائم فى مصالح المريدين والأحباب ، لا ينقطعون عن هذا ، وقد جعل الله على أيديهم قضاء مصالح الخلق ، فالله يجزيهم عن ذلك خير الجزاء .

20 - العناية الدائمة بالمريدين والأصحاب

20- ومن آدابهم رضى الله عنهم : العناية الدائمة بالمريدين والأصحاب ، ودوام السؤال عمن غاب منهم ، لعيادة من كان مريضا ، ومواساة من كان مصابا ، ونحو ذلك ، ويتحملون فى سبيل ذلك جهدا بالغا مع اتساع النقشبندية ، وانتشارهم فى بلاد مصر .

19- ألا يصدر شىء منهم إلا على ميزانه وأدبه

19- ومن آدابهم رضى الله عنهم : ألا يصدر شىء منهم إلا على ميزانه وأدبه ، سواء كان ذلك فى أمور المعاش أو المعاد أو الحل أو الترحال ، وهذا أدب عظيم لا يقوم به إلا الكمل من الرجال علما وعملا ، ولهذا فأنفع شىء للمريد هو ملازمة أمثالهم ملازمة تامة حضرا وسفرا ، فيسرى إليه أدبهم سريان الروح فى الجسد ، ويصير يتأدب وتتهذب نفسه شيئا فشيئا ، فإن التأديب والتربية بالحال أقوى منها بالقال ، فمن رباه شيخه بالكلام فحسب إنما يصير يعظ ويتكلم بالأدب ولا يفعله لأنه ما تعلم من شيخه إلا الكلام ، أما من رباه شيخه بالفعل يصير يفعل مثل شيخه ويأتسى به ، فتفتح له صحبة شيخه باب العمل ، إذا كان الشيخ صحيح العمل وليس من أهل البطالة ، فإن الشيخ إذا كان بطالا لم تفلح تربيته ولم يرب إلا البطالين ، وإذا كان مثل مشايخنا قد امتلأ علما وعملا وأدبا ودينا فإن من تربى عليه يصير كذلك كل بحسب استعداده ، وقد رأيت هذا جليا واضحا فيمن أكثروا من ملازمة مشايخنا .

18- طلب الصدق فى الطريق

18- ومن آدابهم رضى الله عنهم : طلب الصدق فى الطريق ، وهذا ملازم للأدب الذى قبله أو هما وجهان لعملة واحدة ، فمن صدق ترك الدعوى ، ومن ترك الدعوى صدق . ويترتب على كل منهما جملة من الآداب وجدت مشايخنا عليها : من ترك التكلف ، والتمشيخ المصطنع ، وعدم الالتفات إلى الكرامات ، أو السعى إلى حصولها ، أو تصوير ما قد يقع من الاتفاقات على أنه كرامات ، وترك الشطح ، وإظهار الأحوال ، أو التظاهر بالصلاح ، أو التصنع فى الزى أو الهيئة أو السمت ، إلى غير ذلك من الآداب التى يفوح بها سلوكهم اليومى فى حياتهم العادية وتصرفاتهم فى معاشهم .

17 - ترك الدعوى جملة

17 - ومن آدابهم رضى الله عنهم : ترك الدعوى جملة ، فلم أسمع من أحد منهم قط ادعاء مقام أو ولاية أو كشف أو صلاح أو غير ذلك ، بل لا يطلبون إلا الستر من الله ، وهذا من أعظم ما هم فيه من أدب وخلق رضى الله عنهم ، ولهذا فإن مشيختهم وسيادتهم حقيقية لا صورية ، ومتحققة بالفعل لا مدعاة ، وناموسهم ربانى إلهى عن غير تكلف ولا تصنع ولا سعى منهم ، وقد رأيت من عظيم كراهيتهم للدعوى أمرا عظيما فى وقائع لا تنتهى عظم فى نفسى أيضا كراهيتها جدا ، فانفعنا اللهم بصحبتهم .