الأربعاء، ١٥ أغسطس ٢٠٠٧

23 - تقديمهم لمقدم كل قوم وإجلاله وتكبيره فى عيون أتباعه

23 - ومن آدابهم رضى الله عنهم : تقديمهم لمقدم كل قوم وإجلاله وتكبيره فى عيون أتباعه ومحبيه مراعاة منهم لمصلحة الطريق فى بقاء جماعة كل شيخ مجتمعين حوله ، وعدم انفضاضهم عنهم حتى ولو كان لشيخ أكمل ، فإن من انتقل عن شيخه كلما يثبت له قدم فى الطريق ، وهذا الأدب أدل دليل على أنهم يدعون الناس إلى الله لا إلى أنفسهم ، فإن المتمشيخ المدعى الذى يدعو الناس إلى نفسه يصير يريد أن يستولى على أتباع غيره ، ولا يطيق أن يراه مريدوه يجتمع مع شيخ غيره ، خشية أن ينجذب مريدوه إلى ذلك الشيخ الآخر ، أو يريد أن يظهر ويعلو على الشيخ الآخر ليجذب مريدين ذلك الشيخ إليه . أما المشايخ الصادقين الراغبين إلى الله وحده ممن أدركناهم من أكابر مشايخ الوقت كشيخنا سيدى الشيخ عبد القادر ومن نحا نحوه – على ما ذكرناه فى مناقبه حيث ذكرت نحو هذا الأدب - فرأيناهم لا يبالون بذلك . وأعظم من رأيت متخلقا بهذا سيدنا الشيخ سيف الدين الكردى رضى الله عنه ، وهذا من عظيم رسوخه فى العلم والطريق ، وقد كنت فى صحبته فى زيارة سيدى أبى الحسن الشاذلى فى أوائل ربيع الأول سنة 1428 هـ ، فلما انتهينا إلى الاستراحة التى سننزل بها وكان الوقت فجرا ، وجدنا بها بعض مشايخ الجيزة ، ممن كانوا قد قدموا قبلنا بيوم أو يومين وارتاحوا من عناء السفر ، فأحسنوا استقبالنا ، ولما تجهزنا لصلاة الفجر قدم سيدنا الشيخ سيف شيخ هؤلاء الجماعة لإمامتنا فى الصلاة فأم بنا جميعا ، وبعد الصلاة دعاه سيدنا الشيخ سيف للحديث فينا عن الطريق والدعوة إلى الله فظل الرجل يتكلم قرابة الساعة وسيدنا الشيخ سيف يشجعه على الكلام ولا يكاد يتكلم إلا قليلا رضى الله عنه ، ودعاه إلى زيارة بيت سيدنا الشيخ الكردى بشبرا ، وأخذ منه وعدا مؤكدا بذلك ، وطلب عنوانهم ببلدهم ليزورهم أيضا ، وهكذا المشايخ الكمل الصادقين إنما نظرهم إلى الله تعالى ، لا يغارون إلا للحق ، لا لأنفسهم ، فرضى الله عن سيدنا الشيخ سيف ، وعن سائر مشايخنا وسائر المشايخ الصادقين الداعين إلى الله بصدق وحق وجد .

ليست هناك تعليقات: